سخافات لا كرامات!!
يقولون: إن "رابعة" لما حضرتها الوفاة قالت لمن حولها: انهضوا واخرجوا ودعوا الطريق مفتوحًا لرسول الله؛ فنهضوا جميعًا وخرجوا، ولما أغلقوا عليها الباب سمعوا صوتها وهي تتشهد،
وسمعوا الملائكة وهي ترتل: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي } [الفجر: 27-30] فماذا ترون في ذلك؟؟
جنون أم كرامات:
قبل أن نتحدث عن هذه الكرامة بالذات نعود إلى "رابعة" من الأول، ونتحدث عن حب "رابعة" وما في هذا الحب من خطأ بشع،
لقد رووا عن "رابعة" نفسها: إن سفيان الثوري –على حد ما زعموا– سألها "يا رابعة هل تكرهين الشيطان؟
فقالت له: إن حبي لله لم يترك في قلبي كراهية لأحد" "فرابعة" بلغ بها الأمر أنها لا تكره الشيطان لأنها تحب الله،
وهذا من الأمور العكسية، وهذه نتيجة للخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الناس في الحب أو في العشق، أو في الذي يسمونه الفناء، أو في الذي يسمونه مقام الشهود أو مقام الحلول.
ونعود إلى كرامات الصوفية وليست هذه بأبشع كراماتهم؛ فكرامات الصوفية لها سجلات مليئة بالبشاعات،
وأعظم سجل لبشاعات الصوفية أو لكرامات الصوفية هو كتاب "الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني" وهذا كتاب مليء بالكرامات أو السخافات التي يروونها عن أوليائهم،
وهذا الذي كتب في هذا الكتاب فيه إسفاف، ومجون، وفيه فسوق، وفيه مروق، بل إن الفسوق الذي ذكر في هذا الكتاب ينأى عن أي كتاب من كتب الجنس التي تصادر والتي يحظر تداولها أو قراءتها أو دخولها لبعض البلاد.
فهم يعتبرون أن إتيان الحيوان كرامة من الكرامات،
وأن رجلًا اسمه "وحيش" كان يدعو كل رجل يركب حماره إلى أن يمسكها له ليفعل بها فإن رفض تسمر في الأرض وإن قبل أصابه خجل عظيم.
وهذه واحدة من آلاف الكرامات وليس بأعظمها، وكنت أظن أن كتاب الطبقات لا يعادله كتاب فيما ذهب إليه، ولكني لما ذهبت إلى السودان
وجدت هناك كتاب طبقات آخر "طبقات ود ضيف الله"، وكتاب "طبقات ود ضيف الله" في السودان كتاب محقق، حققته الجامعة وخرجته الجامعة، وهو مليء كطبقات الشعراني بهذا الهوس وبهذا الخبل وبهذا المجون والفسوق والمروق.
معركة مع الموت:
أكثر كرامات الصوفية تدور حول الموت فهم يزعمون أنهم يطيرون بنعوشهم بعد الموت،
وما أكثر النعوش التي تطير أو يطيرها أتباعهم، يزعمون أن فلانًا أمسك ملك الموت وأخذ منه زنبيل الأرواح ورماه فعادت الأرواح إلى أصحابها،
ويزعمون في طبقات "ود ضيف الله"
أن ملك الموت أراد أن يقبض روح واحدة -فاطمة بنت عبيد على ما أذكر-
وأنها استغاثت بأحد الأولياء، فذهب إلى السماء الرابعة وأمسك ملك الموت ودخل معه في صراع إلى أن أسترد منه روح فاطمة بنت عبيد ثم عاد إلى الأرض وهو يتصبب عرقًا،
فسألوه فقال: لأنني كنت أجاهد ملك الموت حتى استخلصت الروح منه.
كراماتهم تدور حول هذا المعنى، وهم ينددون بمن يقول لهم مثلًا: إن فلانًا مات، ويغضبون لهذا التعبير جدًا ويقولون: انتقل ولم يمت، ويجهلون أن الله سبحانه وتعالى
قال عن نبيه صلى الله عليه وسلم وعن أشرف خلقه:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } [آل عمران: 144]..
وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال حول هذه الآية: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"
وأن الله سبحانه وتعالى قال: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ } [الزمر: 30]. وقال: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } [الأنبياء: 34].
وقال في ثلاث قضايا سورت بالسور الكلي
قال أولًا: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } [الرحمن: 26]،
وقال: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ } [آل عمران: 185]،
وقال سبحانه وتعالى: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَ وَجْهَهُ } [القصص: 88]،
فالموت مكتوب على كل إنسان، وجعلها كلمة باقية في عقب آدم إلى يوم يرجعون، فالله سبحانه وتعالى يقرر في القرآن أن الكل يموت، ولكن الصوفية ينفون أن يكون واحد منهم قد مات. هذه عقيدتهم..
ثم نعود إلى كرامة "رابعة العدوية" التي استقبلتها الملائكة وملأت بيتها، وزحمته، وجعلتها تقول للناس اخرجوا حتى يدخل رسل ربي،
ثم لماذا يخرجون ليدخل رسل الله
مع أن الله سبحانه وتعالى بيّن لنا أن رسله يدخلون على الميت وقت احتضاره والناس من حوله
{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاّ تُبْصِرُونَ } [الواقعة: 85]، فهم أقرب إليه ولكن الناس لا يبصرون،
فهل طالب الله سبحانه وتعالى بإفراغ المكان حتى يدخل رسل الله سبحانه وتعالى، ثم من هم هؤلاء رسل الله الذين يسمعون وهم يرددون الآيات ويرددون البشارات حتى يعرف الناس.
الذين يخلعون الولاية على الناس:
يقول الصوفية:
"إن رابعة من أهل الجنة وأنها رجعت إلى ربها راضية مرضية، مع أن حديث أبي السائب معروف لنا وهو أن زوجه قالت:
رحمك الله يا أبا السائب لقد أكرمك الله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : "ومن أدراك أن الله قد أكرمه؟"
فأخذت تصفه بمكارم الأخلاق، فقال لها النبي: "لا تقولي ذلك ولكن استغفري له، فوالله وأنا رسول الله لا أدري ما يفعل بي".
ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو كلامه بالنسبة للحكم على الناس بتقوى أو بصلاح أو بعاقبة طيبة،
ولكن الصوفية دائمًا يسرفون في الحكم على الناس، ويسرفون في الحكم على أنفسهم فيزعمون أنهم أهل الله، وأنهم أصحاب جنته، وأنهم يرون الله، وأنهم يجتمعون في الدنيا برسول الله جهارًا نهارًا،
وأنهم يتلقون الحديث من رسول الله، وأن لهم رواية وسندًا في الحديث عن رسول الله مباشرة،
وأن محيي الدين بن عربي قال: إن هذا السند أقوى سند كتب الحديث؛ لأن الولي منهم يلتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول له: هل قلت كذا يا رسول الله؟ فيقول: لا لم أقله..
ثم يجيب الرسول صلى الله عليه وسلم بأحاديث جديدة، بل إن الصوفية يذهبون إلى أبعد من هذا؛
فهم يرفضون سند رجال الحديث مطلقًا ويقولون بمباهاة وفخر: "أخذتم علمكم ميتًا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت"،
ويقولون أيضًا كلمتهم المعروفة أو سندهم المعروف في الرواية
"حدثني قلبي عن ربي"؛
فقلوبهم تحدثهم عن ربهم بدون واسطة الموتى في أخذ العلم وفي تلقي العلم، لكنهم يقبلون واسطة الموتى في العمل وفي الجنة وفي الحصول على رضا الله سبحانه وتعالى.
[/size][/b][/color][b]